منشوراتي

الإدخـــار والاســـتثمــــار

الإدخـــار والاســـتثمــــار

تعريف الإدخار
الإدخار ظاهرة إقتصادية أساسية في حياة الأفراد و المجتمعات و هو فائض الدخل عن الإستهلاك أي أنه الفرق بين الدخل و ما ينفق على سلع الإستهلك و الخدمات الإستهلاكية. لذلك يطلق بعضهم أيضا على الإدخار لفض <الفائض>
دوافع الإدخار
تقوم عملية الإدخار على دعامتين أساسيتين هما : القدرة الإدخارية و الرغبة الإدخارية. فالقدرة الإدخارية هي قدرة الفرد على تخصيص جزء من دخله من أجل المستقبل و هي تحدد بالفرد بين حجم الدخل و حجم الإنفاق، و يتوقف هذا الأخير على نظام معيشة الفرد و ساوكه و تصرفاته، و من ثم فإن القدرة الإدخارية ليست متوقفة على حجم الدخل المطلق، بل هي مسألة نسبية تختلف من فرد إلى آخر و تتغير بتغير الظروف.
أما الرغبة الإدخارية فهي مسألة نفسية تربوية تقوى و تضعف تبعا للدوافع التي تدعوا للإدخار و مقدار تأثر الفرد و الطبقات الإجتماعية بهذه الدوافع .
وأهم الدوافع النفسية للإدخار هى عطالة معينة في الإستهلاك عندما يرتفع الدخل والرغبة في تنظيم النفقات تبعا للتغيرات المتوقعة أو غير المتوقعة في المركب> دخل- حاجة < و الرغبة في الإثراء، أما الظروف التي تحدد درجة نشاط الدوافع الموضوعية فهي بالدرجة الاولى : الدخل - معدل الفائدة - النظام المالي- درجة الإستقرار الإجتماعي و الدولي- والنظام الإقتصادي- النظام الإجتماعي .
أهداف الإدخار
-
تحقيق المزيد من الإنماء في مختلف مجالات التنمية حيث يختلف الإستثمار الجديد يؤدي إلى الإستقرار و الإنتعاش الإقتصادي.
-
السماح للسلطات العمومية بتمويل مشروعاتها التنموية.
-
تحقيق أرباح وعائدات تنمي الإقتصاد الوطني لأن الأموال المدخرة موجهة إلى الإستثمار.
-
الحد من إرتفاع الأسعار أي محاربة التضخم  والزيادة من عرض السلع والخدمات.
-
خلق تنمية إجتماعية كإمتصاص البطالة  وتحسين مستوى الخدمات لأن الإدخار موجه إلى الإستثمار.
-
الحد من الإستهلاك الترفي والبذخ وهذا يقق إستقرار إجتماعي من خلال مواجهة المشكلات المستقبلة.
أنواع الإدخار
يمكن تقسيم الإدخار في الإقتصاد الحديث إلى قسمين:الإدخار الإختياري و الإدخار الإجباري.
- 1
الإدخار الإختياري : -
و هو الإدخار الحر الذي بقوم به الفرد طوعا وإستخابة لإرادته ورغبته نتيجة لموازنته بين وضعين: وضع إقدامه على إنفاق دخله ووضع إمساكه عن هذا الإنفاق.
وتسهم جملة من الإجراءات و السياسات في زيادة حجم الإدخار الحر عن طربق إيجاد الوعي الإدخاري لدى المواطنين وتنمية ودعم الظمانة والثقة بالإدخار وتطوير المؤسسات الإدخارية وتوسيعها وتحسين خدماتها.
- 2
الإدخار الإجباري:
و هو إدخار يجبر عليه الأفراد نتيجة لمقتضيات قانونية أو لقرارات حكومية أو قرارات الشركات. وقد إنتشر الإدخار الإجباري في الإقتصاد الحديث.
العوامل المؤثرة على الإدخار :
عوامل موضوعية :
-
مستوى الدخل : علاقته طردية مع الإدخار فكلما زاد الدخل زاد الإدخار و العكس صحيح حيث يجحم الأفراد من الإدخار لعدم القدرة لتلبية حاجياتهم .
-
مستوى الأسعار : علاقته عكسية مع الإدخار بحيث كلما كانت الأسعار مرتفعة ( إنخفاض القدرة الشرائية ) تنخفض القدرة على الإستهلاك وبالتالي تنخفض الكمية المدخرة أما إذا كانت الأسعار منخفضة فتسمح بإقتناء حاجات الفرد وبالتالي الزيادة في حجم المدخرات .
-
ثبات العملة : ويقصد بها عدم تعرضها للإنهيارات أو التخفيضات فكلما كانت العملة أكثر ثباتا زادة الثقة فيها من قبل الأفراد مما يؤهلها إلى بقاء قيمتها السوقية على حالها و بذلك زيادة حجم المدخرات و العكس يؤدي ألى الأحجام عن الأدخار .
-
سياسة الضرائب : علاقتها بالأدخار علاقة طردية الى حد معين فقط فعند فرض ضريبة نقل السيولة النقدية من السوق و هذا يعني اداعها لدى البنوك وهو تحفيز لعملية الأدخار .
-
معدل الفائدة : علاقته مع الأدخارعلاقة طردية فكلما زاد معدل الفائدة الممنوح من قبل البنك زاد حجم الودائع و العكس إذا كانت معدلات الفئدة منخفضة .
-
عوامل ذاتية : وهي عوامل ذاتية مرتبطة بالأشخاص من حيث طبقاتهم و عاداتهم و تقاليدهم و كذلك العقائد الدينية التي تحرم التعامل بالربا مثلا أما بالنسبة إلى الطبقات الإجتماعية فنجد الطبقة الغنية ليس لها حافز في الإدخار لأنها تفضل الإكتناز أما أصحاب الطبقة المتوسطة و العاملة فهي تلجأ للإدخار و ذلك لتحسين الظروف المعيشية و مواجهة الأزمات المستقبلية كالحوادث أما بالنسبة للقطاع الحكومي فتلجأ الدولة لعدة سيسسات لرفع حجم المدخرات مثل توزيع المداخيل و تغيير الميل الإستهلاكي.....
تعريف الإستثمار :
يعرف الإستثمار بأنه الجزء من الدخل الذي يتم إدخاله في نطاق العمليات أو المشروعات الإستثمارية من أجل تكوين رأس المال فهو يعكس مفهوم الإدخار وله عدة مفاهيم :
-
المفهوم المالي : الإستثمار هو توجيه الأموال المتاحة من أجل الحصول على أصول مالية .
-
المفهوم المحاسبي : هو كل ما تنتجه المؤسسة لا لغرض البيع أو التحويل وإنما لغرض البقاء في حوزتها .
دوافع الإستثمار : من أهم دوافعه :
-
الحاجة إلى تغيير تجهيزات .
-
إرادة التوسع .
-
إرادة التجديد .
-
الرغبة في تحسين ظروف العمل .
-
دوافع خاصة ( الفخر، الإستراتيجية.........إلخ )
أهداف الإستثمار :
مهما كان نوع الإستثمار و المحاظر المحيط به فإن المستثمر يسعى دوما لتحقيق الإهداف التالية :
- 1
تحقيق العائد الملائم : فهدف المستثمر من توظيف أمواله تحقيق عائد ملائم وربحية مناسبة بعملان على إستمرار المثروع ، لإن تعثر الإستثمار ماليا سيدفع بصاحبه للتوقف عن التمويل وربما تصفية المشروع بحثا عن مجال أكثر فائدة .
- 2
المحافظة على رأس المال الأصلي للمشروع : وذلك من خلال المفاضلة بين المشاريع والتركيز على أقلها محاظرة لأن أي شخص يتوقع الخصارة والربح ولكن إذا لم يحقق المشروع ربحا فيسعى المستثمر إلى المحافظة على رأس ماله الأصلي ويجنبه الخصارة .
- 3
إستمرارية الدخل وزيادته : يهدف المستثمرإلى تحقيق دخل مستقر ومستمر بوتيرة معينة بعيدا عن الإضطراب والتراجع في ظل المحاظرة حفاظا على إستمرارية النشاط الإستمراري .
- 4
ضمان السيولة الازمة : لاشك أن النشاط الإستثماري بحاجة إلى تمويل وسيولة جاهزة وشبه جاهزة لمواجهة إلتزامات العمل، لا سيما المصروفات النثرية اليومية تجنبا للعسر المالي الذي قد يعرض للمشروع
أنواع الإستثمار : يمكن تصتيف الإستثمارات حسب المعايير التالية :
 
حسب المعيار القانوني : وتقسم إلى :
-
الإستثمارات الخاصة : يقوم بها أشخاص طبيعيون ومعنويين يسعون إلى تحقيق الربح بإعتبار ملكية وسائل الإنتاج خاصة .
-
الإستثمارات العامة : وهي المشاريع التي تعود فيها ملكية وسائل الإنتاج للدولة وتهدف هذه المشاريع إلى تحقيق المنفعة العامة أولا ثم تحقيق الأرباح .
-
حسب معيار النشاط الإقتصادي : أي حسب النشاط الإقتصادي وينقسم إلى :
-
إستثمار فلاحي .
-
إستثمار صناعي .
-
إستثمار خدمي .
-
حسب معيار المستويات : أي على حسب تأثير الإستثمار على العملية الإنتاجية ويقسم إلى ثلاثة مستويات :
-
إستثمارات إنتاجية غير مباشرة : هي الإستثمارات التي تؤثر على العملية الإنتاجية بشكل غير مباشر لكنها تعد عاملا مباشرا في رفع معدلات الإنتاج والنمو الإقتصادي مثل: المباني القاعدية ، تعبيد الطرقات ، بناء المطارات ، بناء السدود....
-
إستثمارات إنتاجية طويلة : المدى : هي تلك الأموال الموجهة لبناء   المعاهد ، مراكز الصحة والتكوين والتدريب والمواردالبشرية
كما يمكن تقسيم الإستثمارات إلى :
-
إستثمار في السلع والخدمات .
-
إستثمار في الأصوال الثانية كالآلات والعقارات والمعدات   الخ .
-
إستثمار في الأصول المالية كالأسهم والمستندات
العلاقة بين الإدخار والإستثمار
إن غالبية الإقتصاديون يرون أن هناك تعادل دائم بين الإدخار والإستثمار على أساس حدوث تغيرات في سعر الفائدة، ففي رأيهم أن الإدخار هو المصدر الوحيد لعرض رؤوس الأموال النقدية، والإستثمار هو المصدر الوحيد لطلب رؤوس الأموال النقدية مما يؤدي إلى خفض سعر الفائدة بإعتباره > ثمن<  إستخدام رأس المال، هذا الإنخفاض في سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة طلب رؤوس الأموال النقدية أي الإستثمار بالقدر الذي يجعله يتعادل مع الإدخار، والعكس صحيح، بمعنى أنه عندما يقرر شخص ما إستثمار مبلغ من المال فهذا يعني زيادة طلب رؤوس الأموال النقدية بما يؤدي إلى رفع رأس الفائدة، هذا الإرتفاع في سعر الفائدة يؤدي إلى زيادة عرض رؤوس الأموال النقدية أي الإدخار بالقدر الذي يجعله يتعادل مع الإستثمار.



تقييم واقع وسائل الإعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين


استعراض وتقييم واقع وسائل الإعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين

 

الدراسة مقدمة إلى

د.عزيزة (جامعة الجزيزة)

اسم المساق

نظريات الاتصال






إعداد


إيمان سليمان السعيدي الرقم الجامعي:201211879


مقدمة و تمهيد
        وسائل الإعلام في أي مجتمع هي المسؤولة عن صياغة و نشر و توزيع الأخبار و المعلومات و الأفكار و الآراء, و بالتنالي تصبح من أهم الوسائل الفاعلة في أي مجتمع لتغيير القيم و الأتجاهات و لتعزيز أي سلوك إيجابي و تكريسه, و تهميش أي سلوك سلبي في نفس المجتمع.
و لذا تعتمد الحكومات و المؤسسات الحكومية و الخاصة و مؤسسات المجتمع المدني و الجمعيات و الهيئات ذات الصلة بالمجتمع و شرائحه, تعتمد على وسائل الإعلام الجماهيرية (صحافة, إذاعة, تلفزيون, سينما) في الوصول إلى الجمهور المستهدف و تحقيق الأهداف المتوخاة من ذلك الإتصال.
و المجتمع- أي مجتمع- ليس شئياً واحداً أو كلاً متشابهاً في طبيعته و صفاته و دوره, بل يشمل المجتمع شرائح كثيرة متباينة الصفات و الأوضاع و الأهداف و الأفكار و القيم و الإتجاهات. و لذا كان لزاماً على وسائل الإعلام أن تغير من نظرتها للمجتمع ككتلة واحدة إلى مجتمع متشابك و معقد, و بالتالي ينبغي صياغة رسائل إعلامية مناسبة لكل شريحة مستهدفة بحيث يتم صياغة تلك الرسائل بما يتناسب و اتجاهات و أفكار و سمات تلك الشريحة المستهدفة.
        في هذه الورقة القصيرة سنحاول القيام باستعراض وتقييم واقع وسائل الإعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين, حيث لاحظنا وجود ثلاث أساليب تتعامل من خلالها وسائل الإعلام مع قضايا الإعاقة و الأشخاص المعاقين و هي :التعتيم (اللا مبالاة و عدم الاهتمام), التشويه, إعلام المناسبات. و سنقوم بتفصيل مختصر لكل أسلوب و كيفية التعامل معه لكي تقوم وسائل الإعلام بدورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين.  
        و ستكون معالجتنا بطريقة شمولية و بنظرة تبتعد عن الدخول في تفاصيل دقيقة, يمكن تناولها في حلقات نقاشية أكثر تخصصية. نحاول هنا أن ننظر إلى واقع الممارسة لوسائل الإعلام العربية و الخليجية بشكل عام, , ثم نعرج على مقترحات عملية لكي يمارس الإعلام دوره في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين.
        و لعله من نافلة القول التأكيد على أن وسائل الإعلام و المؤسسات الإعلامية لا يمكن لها أن تحقق أي شيء يذكر في تغيير النظرة السلبية للمعاقين في المجتمع دون أن تتظافر جميع مؤسسات الدولة العامة و الخاصة بجهودها في هذه المسألة, فدور الإعلام هو دور مكمل لباقي الجهود, و لا يمكن النظر له بمعزل عن باقي العوامل و المتغيرات التي تؤثر بالمجتمع.

*******************************
مشكلة الدراسة
     تعتمد مشكلة هذه الدراسة على رغبة الباحث في التعرف على واقع وسائل الاعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين.
أهمية الدراسة
     تدور البحوث والدراسات على رغبة الباحث في التعرف على واقع وسائل الاعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين.
أهداف الدراسة
     معرفة مدى اهتمام وسائل الاعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين.
تساؤلات الدراسة
- هل وسائل الاعلام تقوم بخدمة قضايا الأشخاص المعاقين؟
- ما هي الجوانب التي يتناولها الإعلام في القضايا المتعلقة بذوي الاحتياجات الخاصة؟
- ما هي الأفلام العربية التي تطرقت لقضية المعاق؟
مجالات الدراسة
     المجال الجغرافي: دار موضوع الدراسة في جامعة الجزيرة بمنطقة دبي.
المجال الزمني: قد قام الباحث بإجراء الجانب التطبيقي خلال الفترة من تاريخ 1/7/2013 الى تاريخ 9/7/2013.
المجال البشري: وقد قام الباحث بتطبيق بحثة على 50 مفردة من المجتمع.
عينة الدراسة
     عدد 50 طالب من جامعة الجزيرة- دبي تم اخذ رأيهم بموضوع الدراسة.
المنهج المستخدم للدراسة
     استبيانات وتم دراستها وتحليها وسيتم تناول النتائج في موضوع الدراسة.
أدوات الدراسة
     استمارات التحليل، وبعض الكتب ومواقع الانترنت كمراجع.
مفاهيم الدراسة
     مفاهيم علمية: نظرية ترتيب الأوليات- تحديد الأجندة, كما يقول صالح خليل ابو اصبع (1999) تفيد بـ"وجود علاقة إيجابية بين ما تؤكده وسائل الإعلام في رسائلها, و بين ما يراه الجمهور هاماً.
نظرية الغرس الثقافي- وهي نظرية قدمها Gerbner et. al.  كمنظور لدراسة أثر وسائل الإعلام. بدأ هذه النظرية الباحث الأمريكي جورج جربنر من خلال مشروعه الخاص بالمؤشرات الثقافية التي اهتمت بحوث المؤشرات الثقافية بثلاث قضايا متداخلة هي دراسة الهياكل و العمليات التي تؤثر على إنتاج الرسائل الإعلامية
    مفاهيم اصطلاحية: الاتصال, هو " إرسال رسالة من مصدر إلى مستقبل بغرض إحداث تأثير"،
التشويه, هو " أن يتم عرض صورة غير حقيقية أو مشوهة أو ناقصة "
الحملة الاجتماعية, هي " عبارة عن جهد منظم يهدف إلى إقناع مجموعة مستهدفة بقبول أو تعديل أو الابتعاد عن بعض الأفكار و السلوك أو الاتجاهات, و تقوم بهذا الجهد جماعة من الجماعات الموجودة في المجتمع أو الجهة التي ترغب في إحداث التغيير".

الدراسات السابقة
1- دور وسائل الاعلام في الوقاية والحد من الإعاقة.
2- دور وسائل الإعلام في تعديل الصورة السلبية نحو المعاقين.
3- وسائل الإعلام دوراً هاماً وأساسياً في خدمة المعاقين.

*******************************
الموضوع:
علاقة وسائل الإعلام بالمجتمع
       " هل تدرك السمكة أنها مبتلة بالماء؟" هذا السؤال طرحه عالم الاتصال الكندي المعروف مارشال ماكلوهان (صاحب نظرية القرية العالمية), الجواب طبعاً "لا", فالسمكة لا تدرك أنها مبللة بالماء لأن البيئة التي تعيش فيها السمكة مغلفة بالماء (بيئة مائية) إلى درجة أنها لا تشعر بالماء إلا في حالة فقدان الماء أو غيابه!
       هكذا الحال تماماً في علاقة أفراد الجمهور بوسائل الإعلام الجماهيرية. إن وسائل الإعلام تتدخل تقريباً في كل مجالات حياتنا اليومية و واقعنا إلى درجة أننا لا نشعر بوجودها, ناهيك عن تأثيرها علينا و على حياتنا, إننا - كالسمك في الماء- محاطين بوسائل الإعلام الجماهيرية من كل جانب, إن وسائل الإعلام تزودنا بالمعلومة, تسلينا و ترفه عنا, تسعدنا, تحزننا, تضايقنا, تحرك مشاعرنا, تتحدى ذكائنا, و أحياناً تحاول استغفالنا. إن هذه الوسائل تساعدنا على التعرف على أنفسنا, كما أنها تشكل واقعنا و حياتنا.
       الاتصال  (Communication) مأخوذة من (Common) أي مشترك و عام. فالاتصال كعملية يتضمن المشاركة حول شيء أو فكرة أو إحساس أو اتجاه أو سلوك أو فعل ما. فنحن عندما نتصل بالناس في حياتنا اليومية إنما نشترك معهم في تبادل الأفكار و المعلومات.[1]
       الاتصال, في أبسط صوره, هو " إرسال رسالة من مصدر إلى مستقبل بغرض إحداث تأثير".  الإنسان منذ بدء الخليقة يعيش في تجمعات بشرية. و لكي يتفاعل الإنسان مع مجتمعه لابد عليه من أن "يتصل" بمن حوله حتى يستطيع أن يتبادل الأخبار, المعلومات, الآراء, المشاعر و التي تؤثر في حياته اليومية. لذا يتميز المجتمع الإنساني بأنه مجتمع اتصالي لأن الناس تحتاج إلى الاتصال بالآخرين لتسهيل أمور حياتهم.
       عندما نتحدث عن علاقة الإعلام بالإعاقة و نصفها بأنها علاقة تفاعلية و مسؤولية متبادلة, فإن ذلك يعني أننا بدأنا ندرك و نعي أهمية توظيف وسائل الإعلام في إثارة قضايا الأشخاص المعاقين في المجتمع, و استغلالها في التوعية الشاملة لكل أفراد المجتمع بالنسبة فيما يتعلق بمفهوم الإعاقة و بضرورة دمج المعاق في مجتمعه لكي يكون عضواً فاعلاً كبقية أفراد المجتمع.
       إن لوسائل الإعلام وظائف متنوعة في المجتمع- أي مجتمع- و من خلال الوظائف تؤثر وسائل الإعلام في أفراد المجتمع و في قيمه و آرائه و اتجاهاته, و تساهم بالتغيير الاجتماعي للمجتمع.
       و من خلال استعراض ما ذكرته الأدبيات الإعلامية حول أهداف و وظائف الاتصال[2], فإننا نخلص إلى بعض الوظائف المهمة و التي تخدمنا في موضوع علاقة الإعلام بالإعاقة و بالأشخاص المعاقين و قضاياهم:
·       وظيفة الأخبار و التزويد بالمعلومات و الأخبار عن ما يحدث في بيئتنا أو من حولنا.
·       وظيفة الإعلام و التعليم.
·       وظيفة ترابط المجتمع و نقل تراثه, حيث يتم نقل القيم و العادات و التقاليد و اللغة إلى أفراد المجتمع.
·       وظيفة الترفيه: و هي وظيفة أساسية لتحقيق بعض الإشاعات النفسية و الاجتماعية.
·       وظيفة الرقابة: و هي تعنى بحماية المجتمع و صيانته من الفساد و المخالفات و إساءة استخدام السلطة.
·       وظيفة الإعلان و الترويج و التسويق.
·       وظيفة تكوين الآراء و الاتجاهات لدى الجمهور.
      
       و لقد تم التوصل إلى عدة نظريات إعلامية لتفسير العلاقة بين وسائل الإعلام و بين المجتمع, و سنسلط الضوء على نظريتين إعلاميتين تشرحان  كيف يمكن استخدام وسائل الإعلام للتأثير على أفراد الجمهور في تبني القضايا و الاتجاهات و الأفكار التي يريدها القائم بالاتصال, و هذه النظريتين هما: نظرية ترتيب الأوليات, نظرية الغرس الثقافي.

1. نظرية ترتيب الأوليات (تحديد الأجندة)
بسبب اعتماد أفراد الجمهور على وسائل الإعلام, أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية و بالذات التلفزيون أهم الوسائل الإعلامية تأثيراً في تشكيل أفكار و آراء الجمهور, و بالتالي تؤثر حتى في تحديد أولويات الجمهور و فيما يظنه مهم أو غير مهم, و ذلك بالتركيز على موضوعات معينة أو التعتيم على موضوعات أخرى, مما يجعل الجمهور يتفاعل مع القضايا المثارة إعلامياً و يتناسى أو ينسى القضايا غير المثارة إعلامياً.
و هذا ما أثار اهتمام الباحث الإعلامي  لازرفيلد في عام 1944 عندما بحث في قدرة وسائل الإعلام الجماهيرية على صياغة و تشكيل أولويات الناس تجاه القضايا المختلفة في المجتمع، بحيث أنه إذا تم التركيز على قضية معينة في الإعلام, فإنها ستحظى بنفس الإهتمام لدى الجمهور, و العكس صحيح.
        بمعنى أنه إذا ركزت وسائل الإعلام على قضية معينة وأبرزتها فإن هذه القضية تكتسب نفس الأهمية لدى الجمهور, و هذا ما يعرف بنظرية "تحديد الأوليات" أو نظرية "تحديد الأجندة" Agenda Setting Theory و التي أثارها الباحثان الإعلاميان مكومبس، وشو.[3]
        و نظرية ترتيب الأوليات- تحديد الأجندة, كما يقول صالح خليل ابو اصبع (1999) تفيد بـ"وجود علاقة إيجابية بين ما تؤكده وسائل الإعلام في رسائلها, و بين ما يراه الجمهور هاماً. أي أن دور وسائل الإعلام يسهم في ترتيب الأوليوات عند الجمهور. و من ثم فإن وسائل الإعلام بهذا المعنى تقوم بمهمة تعليمية."[4]
لقد أصبحت وسائل الإعلام الجماهيرية الرئيسة (الإذاعة, التلفزيون, الصحافة)  هي الوسيط بين الأحداث و بين أفراد الجمهور, فهي تنقل الأخبار و المعلومات و الرأي و التفسير و التحليل, و هي بذلك تساهم في خلق "واقع اجتماعي" يعيش فيه أفراد الجمهور, و لذلك تبدو أي عملية تغيير في المنظومة الفكرية و الثقافية لدى الفرد غير ناجعة إذا لم توظف وسائل الإعلام التوظيف الصحيح.
فكرة النظرية أنه مثلما يحدد جدول الأعمال في أي لقاء ترتيب الموضوعات التي سوف تُناقش بناءً على أهميتها, و لذا  فإن وسائل الإعلام لها جدول أعمالها الخاص التي تحدد الأهم و الأقل أهمية من الموضوعات و الأحداث.
   الناس تتحدث في حياتها اليومية عن الموضوعات أو الأحداث التي تظهر في الوسائل الإعلامية, و بمجرد اختفاء هذه الأحداث من واجهة الصحف, مثلاً, فإن الناس سوف تنساها تدريجياً.
هذه النظرية تهتم بدراسة العلاقة التبادلية بين وسائل الإعلام و الجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل في تحديد أولويات القضايا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي تهم المجتمع. كما تفترض النظرية أن وسائل الإعلام لا تستطيع تغطية جميع الموضوعات, لذا يختار القائمون على هذه الوسائل بعض الموضوعات التي يتم التركيز عليها بشدة و التحكم في طبيعتها و محتواها. و هذه الموضوعات تثير إهتمامات الناس تدريجياً, و تجعلهم يدركونها, و يفكرون فيها, و يقلقون بشأنها. و بالتالي تمثل هذه الموضوعات لدى الجماهير أهمية أكبر نسبياً من الموضوعات الأخرى التي لا تطرحها وسائل الإعلام.
   وسائل الإعلام هي التي توجه الاهتمام نحو قضايا بعينها, فهي التي تطرح الموضوعات, و تقترح ما الذي ينبغي أن يفكر فيه الأفراد باعتبارهم أعضاء في الحشد, و ما الذي ينبغي أن يعرفوه, و ما الذي ينبغي أن يشعروه به.
   حين تقرر وسائل الإعلام تخصيص معظم الوقت و المساحة في التغطية الإخبارية لقضية ما, فإن هذه القضية سوف تكتسب أهمية قصوى لدى الجماهير التي تتعرض لتلك الوسائل.
   و إذا ما أردنا أن نسقط هذه النظرية أو أن نوظفها في موضوع الإعاقة و قضايا الأشخاص المعاقين فإننا نستطيع القول بأن الاهتمام الزمني (في الإذاعي و التلفزيوني) أو المساحة (الصحف و المطبوعات) الذي توليه وسائل الإعلام في المجتمع لقضايا الإعاقة, فإنها ستجعل بقية أفراد المجتمع تهتم بهذا الموضوع و تتحدث عنه. و العكس صحيح أيضاً, فإنه عندما تهمل وسائل الإعلام إثارة قضايا المعاقين, أو لا تعطيها مساحة زمنية أو مكانية كافية, فإن اهتمام الجمهور يتلاشى و يختفي لقضايا المعاقين, و هذا ما يحدث في الواقع, حيث لا تهتم وسائل الإعلام كثيراً في قضايا المعاقين إلا عندما تكون هناك مناسبة معينة كيوم الإعاقة العالمي أو العربي, أو يكون هناك نشاط معين (كمؤتمر أو ملتقى حول الإعاقة), و بالتالي لا نستغرب كثيراً عندما نرى عزوف أفراد المجتمع عن الاهتمام بقضايا المعاقين.
2. نظرية الغرس (الإنماء) الثقافي  Cultivation Theory
و هناك نظرية إعلامية أخرى تبدو مفيدة و نحن نتحدث هنا عن العلاقة بين الإعلام و الإعاقة, و هذه النظرية هي نظرية الغرس الثقافي  Cultivation Theory و هي نظرية قدمها Gerbner et. al.  كمنظور لدراسة أثر وسائل الإعلام. بدأ هذه النظرية الباحث الأمريكي جورج جربنر من خلال مشروعه الخاص بالمؤشرات الثقافية التي اهتمت بحوث المؤشرات الثقافية بثلاث قضايا متداخلة هي دراسة الهياكل و العمليات التي تؤثر على إنتاج الرسائل الإعلامية, و دراسة الرسائل و القيم و الصور الذهنية التي تعكسها وسائل الإعلام, و دراسة الإسهام المستقل للرسائل الجماهيرية على إدراك الجمهور للواقع الاجتماعي.
تنص النظرية على "أن مداومة التعرض للتلفزيون – ولفترات طويلة و منتظمة- تنمي لدى المشاهد اعتقاداً بأن العالم الذي يراه على شاشة التلفزيون, إنما هو صورة من العالم الواقعي الذي يحياه."[5]
   و تفترض النظرية أن الأشخاص الذين يشاهدون كميات ضخمة من البرامج التلفزيونية (كثيفو المشاهدة) يختلفون في إدراكهم للواقع الاجتماعي عن أولئك الذين يشاهدون كميات قليلة من البرامج أو لا يشاهدون (قليلو المشاهدة), ذلك أن كثيفي المشاهدة سيكون لديهم قدرة أكبر على إدراك الواقع المعاش بطريقة متسقة مع الصور الذهنية التي ينقلها عالم التلفزيون. و يرى واضعو النظرية أن وسائل الاتصال الجماهيرية تحدث آثاراً قوية على إدراك الناس للعالم الخارجي, خاصة هؤلاء الذين يتعرضون لتلك الوسائل لفترات طويلة و منتظمة.[6]
   و خلصت النظرية إلى أن الذين يشاهدون التلفزيون بكثافة Heavy Viewers فإنهم يعتقدون أن ما يشاهدونه من خلال التلفزيون من واقع و أحداث و شخصيات فإنها تكون مطابقة لما يحدث في الحقيقة و في الحياة.[7]
نظرية الغرس الثقافي تفيد بأن الأفراد كثيفي المشاهدة بانتظام يميلون إلى رؤية العالم كما يصوره التلفزيون مقارنة بغيرهم ممن هم قليلي المشاهدة, فالعرض المتكرر يشكل الآراء و يبني المواقف. كذلك المشاهدة المتكررة تخلق ثقافة موحدة للحقيقة و الاعتقادات التي توجد عليها الأشياء في العالم.
و إذا أردنا أن نسقط هذه النظرية على الإعاقة و الأشخاص المعاقين, فإن الصور الذهنية و الواقع الاجتماعي التي تقدمه وسائل الإعلام (و خصوصاً التلفزيون) عن المعاقين, تجعل الجمهور سوف يؤمن بأن هذا هو الواقع الفعلي للمعاقين. فمثلاً, إذا كانت صورة المعاقين التي تعرضها الدراما العربية و الخليجية هي صورة سلبية و مشوهة  بحيث يبدو المعاق كأنه عالة على غيره و لا يستطيع أن يفعل شيئاً و هو شخص منعزل عن الحياة, فإن مشاهدي التلفزيون عندما يشاهدون شخصاً معاقاً أمامهم في الحياة العامة فإنهم سوف يستحضرون تلك الصور الذهنية السلبية التي شاهدوها في التلفزيون و يبدءون يتعاملون مع هذا الشخص المعاق على هذا الأساس. و من تبدو مسألة توظيف الصور الإيجابية للأشخاص المعاقين مهمة لأنها تساهم في غرس صورة إيجابية لدى جمهور وسائل الإعلام و خاصة التلفزيون, و بالتالي يبدأ الجمهور يغير من نظرته السلبية للمعاق.
*******************************


علاقة وسائل الإعلام بالإعاقة و المعاقين
   و بناء على ما تم توضيحه من قدرة وسائل الإعلام على التأثير على ما يؤمن به أفراد الجمهور عن طريق صياغة الرسائل الإعلامية و بثها عبر وسائل الإعلام المتنوعة بأكثر من قالب إعلامي, و بالنظر إلى طريقة تعامل وسائل الإعلام مع قضايا الإعاقة و المعاقين, نستطيع أن نخرج بمحموعة من الملاحظات التي نراها مهمة و يجب تسليط الضوء عليها لكي يتم معالجتها, هذا ما أردنا فعلاً أن نفعل العلاقة الإيجابية بين الإعلام و بين الأشخاص المعاقين في المجتمع.
   إن طريقة تعامل وسائل الإعلام العربية- بشكل عام- مع قضايا الإعاقة و المعاقين أو أسلوب تناولها لقضايا ذوي الإحتياجات الخاصة سواء في برامجها الجادة (البرامج الحوارية في الإذاعة أو التلزفوين أو المقابلات و التحقيقات الصحفية) أو من خلال البرامج الترفيهية (المسلسلات و المسرحيات و الأفلام) لا يخرج عن ثلاث طرق للتعامل: التعتيم (اللامبالاة), التشويه, إعلام المناسبات, و فيما يلي تفصيل لكيفية تعامل وسائل الإعلام لقضايا ذوي الإحتياجات الخاصة, كما يراها الباحث:


 









الأسلوب الأول: التعتيم (اللامبالاة)
و نقصد بهذا الأسلوب هو أن تقوم وسائل الإعلام بالامتناع (أو اللامبالاة و عدم الاهتمام) عن التغطية الإخبارية أو المعلوماتية لقضايا الإعاقة و المعاقين, و عدم تسليطها الضوء على ما يحتاجه المعاقون في مجتمعاتنا من إثارة لموضوعاتهم و قضاياهم أو إعطائهم المساحة الزمنية (إذاعة و تلفزيون) أو المكانية (الصحف و المطبوعات) لكي يبرزوا قضاياهم من توعية لمفهوم الإعاقة و المعاقين, و للدور الذي يمكنه أن يقوم بها المعاقون لخدمة بلدهم و أسرهم و أنفسهم, أو عدم إثارة لمشكلاتهم التي يعانون منها سواء على المستوى الطبي أو بإنشاء مؤسسات و جمعيات تهتم بهم و تنمى مواهبهم و تحتضن طاقاتهم, و تبرزها بالشكل المفيد و التنموي لهم و لمجتمعاتهم, كما أنها قد لا تساهم في قضية دمج المعاقين في مجتمعاتهم و رعايتهم و تأهيلهم.
و أسلوب التعتيم (أو اللامبالاة و عدم الاهتمام) قد لا يكون واضحاً في أداء وسائل الإعلام العربية لأن أغلبها تتبع أسلوب "إعلام المناسبات", إلا أن بعضها – كما يرى الباحث- قد تنحو هذا المنحى حين لا تجعل قضايا الإعاقة و المعاقين من ضمن أولياتها الإعلامية, و بالتالي لا تعطيه التغطية الإعلامية التي يستحقها.
   و هناك أسباب عديدة لاتباع وسائل الإعلام لأسلوب التعتيم بالنسبة لقضايا الإعاقة و المعاقين, و نذكر منها:
1.    الجهل المعرفي لمفهوم الإعاقة و المعاقين إذ أن أغلب أفراد المجتمع قد يجهلون المفهوم العلمي للمعاق و كيفية التعامل معه و ضرورة النظر إليه على أن شخص يمكن أن يساهم بجهده في المجتمع! إن النظرة السائدة للمعاق لدى أفراد المجتمع أن شخص مريض و سلبي و عالة على اسرته و يستحق التعاطف و الشفقة, و هذا النظرة القاصرة انتلقت – بطبيعة الحال- إلى وسائل الإعلام و الإعلاميين, ذلكم أن افعلاميين هم في النهاية أفراداً في المجتمع و يتفاعلون مع أفراده و مؤسساته و قضايا كما يتفاعل اي شخص آخر.
2.    قصور جميعات النفع العام ذات الصلة بالمعاقين: حيث يرى الباحث بأن جمعيات المعاقين أو ذوي الإحتياجات الخاصة ليس لديها ذلك الحس الإعلامي الذي يمكنها من استغلال وسائل الإعلام ابلصورة الأمثل و التي تعود بالنفع على المعاقين. بل إن بعض مسؤولي الإعلام في المجتمع يرى أن التقصير ليس نابعاً من وسائل الإعلام بل من الجمعيات المهتمة بالمعاقين, إذ أنهم لا يمدون وسائل الإعلام (صحافة, إذاعة, تلفزيون) بما يكفي من مواد إعلامية حول قضايا الإعاقة و المعاقين. أو أن أنهم لا يتواصلون بشكل متواصل و مستمر مع وسائل الإعلام التي تهتم بأمور أخرى كثيرة.
      و هذا الكلام صحيح بشكل عام لأن موضوع الإعاقة و المعاقين موضوع متخصص و دقيق و بالتالي ليس كل صحفي أو أعلامي لديه المعرفة العلمية الكافية حول مفهوم الإعاقة أو قضايا المعاقين, و هنا يأتي دور جمعيات النفع العام ذات الصلة بالمعاقين لكي تقوم بعمل دورات أو حلقات نقاشية لتوعية الصحيفيين و الإعلاميين بكل ما يتعلق بالإعاقة, كما أن عليها تزويد و إمداد وسائل الإعلام ليس بالأخبار و الأنشطة, بل بمواد إعلامية متكاملة تساهم بالتوعية و بإثارة قضايا تهم المعاقين في مجتمعاتنا.
     قالت جيني موريس في البرنامج الوثائقي " الكرامة في مواجهة التمييز" الذي عرضته القناة الرابعة في بريطانيا عام 1991 " إننا جميعاً كمعاقين نتعرض لكثير من الظلم بسبب إنكار حقيقتنا، وإذا لم نعكس حقيقة واقعنا من خلال الثقافة العامة كيف لنا أن نطالب بحقوقنا أو نثبتها؟ وإذا اختار الشخص غير المعاق أن يعترف بإعاقاتنا على طريقته أو اعترف بأنواع معينة منها فقط فكيف يستطيع أن يتفهم نظرتنا إلى أجسادنا؟ وإذا لم نظهر في الأفلام كبشر يحتاجون كغيرهم للحب، والعاطفة والصداقة وحق المعيشة بشكل كريم يليق بالبشر كيف يستطيع غير المعاق أن يمنح لحياتنا أي معنى؟".[8]



الأسلوب الثاني: التشويه في عرض صورة الأشخاص المعاقين
   و نقصد بالتشويه هنا هو أن يتم عرض صورة غير حقيقية أو مشوهة أو ناقصة عن شخصية المعاق بحيث تبدو هذه الصورة التي تقدمها وسائل الإعلام (و تحديداً التلفزيون و السينما) هي المرجعية في تعامل الناس الأصحاء في المجتمع مع المعاقين في المجتمع.
   إن الأعمال الدرامية العربية و الخليجية (تمثيليات, مسلسلات, مسرحيات, أفلام) في أغلبها تغذي أذهان المشاهدين و تزودهم بصورة نمطية سلبية مشوهة عن الشخص المعاق بحيث يبدو المعاق في نهاية المطاف شخصاً سلبياً لا يقدم شيئاً لنفسه أو أسرته أو مجتمعه, بل هو عالة على غيره و لا يستطيع فعل شيء لوحده. بل بعضهم قد يتخذ الشخص المعاق مادة للتندر و الاستهزاء أو لاستجداء الضحك.[9]
و في هذا الصدد ينتقد مدير مركز التأهيل الشامل للمعاقين في جدة حسين خليل مغربل أداء الإعلام عند تعاطي قضايا المعاقين حين قال " للأسف، وسائل الإعلام لها تأثير سلبي في نقل صورة شديدي الإعاقة، فهي تقدمهم للمجتمع بصورة غير حقيقية، تتمثل في أشخاص يصرخون معظم الأوقات، وتبين أنهم ذوو طاقة زائدة يعمدون لإيذاء أنفسهم والآخرين.[10]
و يتفق معه الدكتور شعيب الغباشى - أستاذ الصحافة الإسلامية بجامعة الأزهر اذ يقول " إذا قيمنا دور وسائل الإعلام فى خدمة المعوقين نجدها تركز على فئات مجتمعية معينة، وتغفل وتتغافل، وتهمش فئات أخرى، وهذا لون من الضعف وقلة التوازن فى تناول هذه الوسائل، ومن هذه الطوائف المهشمة فئات ذوى الاحتياجات الخاصة، فلا نكاد نراهم فى وسائل الإعلام. وإن حدث فإنهم يظهرون بصورة مشوهة وسلبية تقزز المشاهد، وتدفعه إلى عدم الاكتراث بهم، ومثال ذلك ما تم عرضه فى فيلم يقدم قصة رجل كفيف غير مستقيم الأخلاق، وغير منضبط التصرفات، ويمارس الفاحشة، ويقترف ما يتناقض مع ما يتوهم البعض أنه عليه من دين أو علم شرعي.[11]
إن كتاب السيناريو و الفنانين و شركات الإنتاج الدرامي يجب أن تهتم بشريحة المعاقين و قضاياهم لأنها مغيبة أو تكاد عن الأعمال الدراما العربية و الخليجية, و إذا ما ظهرت شخصية للمعاق فإنها تكون في الغالب شخصية سلبية غير منتجة. 
يجب أن يكون للفن والدراما دور أكبر في تناول هذه القضايا الشائكة، فقد تناولت الدراما الخليجية مشاكل الشباب والمخدرات وعقوق الوالدين والتفكك الأسري والمشاكل العاطفية بشكل كبير، إلا أنه لم يتم إلى اليوم تنفيذ عمل درامي يتناول مشاكل المعاقين، بحيث يكون بطل العمل معاقاً استطاع أن يتغلب على إعاقته، والسبب في هذا التأخير الرقابة ومدى فهمها لهذا النوع من الأعمال.
و يفسر حمزة ذلك بأن فكر العديد من الكتاب والمؤلفين يفوق فكر الرقيب، وهذا يمثل خطراً في حد ذاته، مما أدى إلى وجود 80% من الأعمال الدرامية التجارية التي لا تقدم هموم المجتمع بالشكل الحقيقي.[12]
بل "غالباً ما كانت الطريقة التي عرضت من خلالها السينما العالمية شخصية المعاق مشوهة. منذ عروض السينما الصامتة وحتى هذه اللحظة والسينما تعرض المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة على أنهم إما موضوعاً للسخرية، أو محوراً للشر، أو مثاراً للشفقة ونادراً ما تجرأ أحد في هذا المجال لخوض تجربة إنتاج فيلم كوميدي أو تراجيدي هادف متوازن يلعب فيه المعاق دوراً لا يثير الحساسية لأن  معظم الناس أصبحوا يتوقعون أن شخصية المعاق كئيبة وجادة، غاضبة، وفاقدة للمقدرة بشكل مطلق."[13]
و يطالب الدكتور محمود حماد - أستاذ الإذاعة والتليفزيون بقسم الصحافة والإعلام جامعة الأزهر كل أجهزة الإعلام فى الدولة أن تقدم الصورة الإيجابية لذوي الاحتياجات الخاصة، باعتبارهم جزءًا لا يتجزأ من كيان المجتمع، فهؤلاء الناس يمكن أن يكونوا عباقرة ومبدعين، وقد حدث ذلك بالفعل؛ إذ قامت إحدى عالمات النفس الاجتماعي حول احتياجات المعاقون، وكيفية تنمية المهارات عندهم، وتمكنت بالفعل من إخراج مبدعين فى مجالات عديدة من خلال بعض النماذج التي انتقتها، وأعدت لها برامج تدريب ورعاية وتأهيل جيدة.[14]
و يستعرض الكاتب اقبال التميمي - في مقال طويل و عميق- موضوع الصورة التي تعرضها الدراما العالمية و العربية لشخصية المعاق مع إيراده أمثلة كثيرة لأفلام و مسلسلات ظهرت لكي تشوه صورة المعاق بصورة أو بأخرى, إلا أنه يستثني من ذلك وجود بعض الأفلام الإيجابية التي أظهرت شخصية المعاق بشكل إيجابي, و يقول التميمي " هناك استثناءات لما ذكرنا من تأثير سلبي على صورة المعاق من خلال الأفلام، مثلاً فيلم أربعة أعراس وجنازة ( 1994 مايك نيويل، بريطانيا) هو كوميديا لعب فيها المعاق دوراً رئيسياً كشخصية متوازنة وليست مجرد نموذج، كذلك في فيلم الأخ الأطرش لهيو غرانت، و فيلم المجيء إلى المنزل ( 1978 هال آشبي، أمريكا) والذي تم تصويره من مقعد متحرك لتشرح وجهة نظر إنسان معاق يجلس على كرسي متحرك، إضافة إلى فيلم فريدا ( 2002 جولي تيمور ، أمريكي/ كندي) حيث الشخصية الرئيسية هي فنانة تعيش حياتها وتعبّر عن نفسها رغم إعاقتها حيث كانت الإعاقة جزء من شخصيتها ومن تعبيرها الفني، ويمكن القول أن الفيلم العربي قاهر الظلام الذي كان شبه سيرة ذاتية عن حياة طه حسين عميد الأدب العربي الذي مثل دوره محمود ياسين كان ضمن الأفلام الجيدة التي عرضت الشخصية بشكل متوازن وقريبة من الواقع.[15]

رغم هذه النماذج الجيدة إلا أن الغالبية العظمى من الأفلام التي قدمت شخصية ذوي الاحتياجات الخاصة استخدمت شخصياتهم بكل بساطة من أجل حبكة الفيلم أي لخدمة المحتوى فقط، فكان وجود شخصية المعاق من أجل تفسير موقف، أو تحليل شخصية، أو تبرير فعل، أو استثارة عاطفة وغالباً ما كان تأثيرها مؤكداً ومقوياً لنماذج سلبية. فكانت النتائج مدمرة بشكل واسع النطاق ولا يمكن تخيل مقدار الضرر الذي أحدثته في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة. [16]

و هناك بعض الأفلام العربية التي تناولت المعاق بشكل أو بآخر, لكنها اتفقت على عرض شخصية المعاق بصور سلبية نمطية مكررة[17]:
·       فيلم الصرخة الذي لعب بطولته نور الشريف ومعالي زايد: حيث عرض شخصية  الأصم الأبكم الذي نقم على المجتمع الذي لم ينصفه إلى درجة تحويل نقمته عليهم بتعريضهم إلى ما يجعلهم مثله تماماً يعانون نفس الإعاقة حيث جمع كل من أساؤوا إليه وإلى زملاءه في الإعاقة في غرفة فحص السمع المعزولة تماماً وعرضهم إلى تيار ذبذبات صوتية لا تحتمل مما أفقدهم حاسة السمع.
·       فيلم الخرساء الذي مثلته سميرة أحمد: حيث نلاحظ استجداء العاطفة تجاه تلك المرأة المعاقة التي يتم اغتصابها حيث لم تستطع الدفاع عن نفسها أو الإفصاح عن شخصية الجاني.
·       فيلم الأسطى حسن إخراج صلاح أبو سيف بطولة فريد شوقي وحسين رياض:  حيث لعب حسين رياض دور الرجل المشلول الذي يتعاطف معه المشاهد لأنه تعرض لخيانة زوجته وهذا التعاطف يبدو مؤثراً رغم قيامه بقتل زوجته في النهاية حيث تستطيع أن تلمس وتتفهم كمشاهد شعوره بالقهر.
·       فيلم الأخرس من بطولة محمود ياسين الذي مثل دور مهندس تعرض صديقه لحادث أليم ففقد  حاسة النطق ولخدمة حبكة الفيلم يقع في حب امرأة ويتزوجها وأثناء ولادة زوجته لا يستطيع استخدام  الهاتف أو الاستغاثة بأحد نتيجة إعاقته مما يجعل المشاهد يتعاطف مع إحباطه الشديد.
·       فيلم رد قلبي بطولة حسين رياض الذي لعب دور الأخرس الذي تعرض للشلل نتيجة موقف صدمه أثناء ذهابه لخطبة ابنة البرنس لابنه  حيث يتعرض هناك للمهانة ويتهم بالجنون فتؤدي الصدمة بشلله.
·       فيلم الحرام من إخراج بركات وبطولة فاتن حمامه حيث الشخصية المعاقة هي شخصية دميان عبيط القرية الشاب المتخلف الذي " فيه شيء لله" حيث تم الربط بين البلاهة أو التخلف العقلي والقدرات الروحية حيث يصبح الأبله هو الرجل المبروك الذي " فيه شيء لله" على حد تعبيرهم.
·       فيلم توت توت بطولة نبيلة عبيد وإخراج عاطف سالم ربط بين تخلف البنت العقلي والاعتداء عليها وضعف شخصيتها وسلبيتها.
   إننا عندما نذكر هذه الأمثلة و غيرها من المسلسلات العربية و الخليجية التي ظهرت فيها شخصية المعاق بدور البطولة أو كدور مساعد, نريد أن نوضح أن المشاهد العادي يشاهد هذه الأفلام فإنه يشاهدها ليس كترفيه فقط, بل إنها تؤثر في المنظومة الفكرية و تؤثر كذلك في آرائه و في نظرته لفئات المعاقين بحيث – كما ذكرنا عند حديثنا عن نظرية الغرس الثقافي- تبدأ تتكون لديه قناعات بأن هذا هو المعاق في الوقاع الحقيقي, و لذا يبدأ يتعامل معه على هذا الأساس.
و هذه القناعات هي ضرورية للسلوك, و لذا نحن نتصرف على أساس معتقداتنا و قيمنا التي نؤمن بها. " كثيراً ما نرى أن الصور المشوهة التي تصف حياة المعاقين يتم اجترارها مراراً وتكراراً ويعاد تدويرها من خلال الإعلام وبذلك تعزز وجود توجه سلبي يؤدي في النهاية إلى المزيد من التمييز ضد المعاق. مثال على ذلك الفيلم الذي أنتجته والت ديزني أحدب نوتردام، بعد ستة أشهر من عرضه في بريطانيا تقدم المعاقون بشكوى تفيد بأن كلمة أحدب التي كانت قد اختفت من قاموس المفردات المستخدمة منذ زمن عادت لتطفو على السطح على شكل إهانة حيث استخدمها الناس للإشارة إليهم بهذه الصفة المؤلمة. وتقدمت جمعية المرضى بداء السكوليوسيز البريطانية إلى وزير المعاقين نيكولاس سكوت متذمرة من أنه منذ عرض الفيلم تعرض أكثر من مائة معاق مصاب بداء السكوليوسيز للاعتداء بينما خلال فترة الستة شهور السابقة لم يتم التبليغ ولا عن حالة واحدة."[18]

في الختام, إن وسائل الإعلام بشكل عام تعرض صورة سلبية و مشوهة لشخصية الإنسان المعاق, مما يؤثر (عبير التراكمات و التكرار) على نظرة أفراد المجتمع لفئة المعاقين, الأمر يؤثر سلباً على كيفية تعامل أفراد المجتمع مع فئة المعاقين.

*******************************
الأسلوب الثالث: إعلام المناسبات
          و نقصد بأسلوب "إعلام المناسبات" هو أن تتعامل وسائل الإعلام في المجتمع مع قضايا الإعاقة و الأشخاص المعاقين بحسب المناسبات التي يتم عقدها أو الأنشطة التي يقوم بها الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين و التي تحدث بشكل متفرق على مدار العام. فمثلاً, نلاحظ أن وسائل الإعلام تهتم بالأشخاص المعاقين فقط عندما يأتي يوم الإعاقة العالمي, أو عندما يتم عقد ملتقى للمعاقين أو عند وجود دورة الأولمبياد لذوي الاحتياجات الخاصة. كما نلاحظ أن دور وسائل الإعلام يصبح مجرد ناقل للخبر لكنه لا يهتم بالتوعية أو التوجيه أو تغيير القيم و القناعات لدى أفراد المجتمع.
        إن أسلوب المناسبات هو جهد لا بأس به إذ أنه يهتم بالتغطية الخبرية لأنشطة و فعاليات الأشخاص المعاقين و الجمعيات و المؤسسات التي يتبعونها, و لكنه جهد قاصر له تأثير إيجابي على المدى القريب حيث تتفاعل المؤسسات الإعلامية مع المعاقين فقط في مناسبات دولية أو إقليمية أو محلية, و كناقل للخبر و مغطي له من الناحية الخبرية و الإعلامية كحدث إخباري بحت و ليس كثقافة إيجابية ينبغي تكريسها في المجتمع.
        إن وسائل الإعلام لكي تقوم بدورها الطبيعي و المنطقي مع فئة المعاقين, ينبغي عليها أن تتعامل قضية الإعاقة كقضية اجتماعية متشابكة و معقدة و ليس كمشكلة طبية صرفة. إننا بحاجة (كمسؤولين عن قضايا الإعاقة) إلى حضور إعلامي مناسب و مستمر و متواصل في وسائل الإعلام بحيث يكون بشكل دوري و كثيف حتى نستطيع أن نجعل قضايا الأشخاص المعاقين حاضرة و بقوة في توجهات الرأي العام و لدى صناع القرار في المجتمع, و هذا لا يتأتى إلا بحضور كثيف و مستمر و شامل في كل وسائل الإعلام في المجتمع, و ليس فقط عبر أسلوب "إعلام المناسبات".  


الدور المأمول لوسائل الإعلام في تعاملها مع قضايا الأشخاص المعاقين
   في هذا القسم سنتحدث عن الدور المأمول لوسائل الإعلام لكي تنهض و تقوم بدورها بفعالية حين تتناول قضايا الإعاقة و المعاقين, و سيتم ذكر عدة أدوار لوسائل الإعلام يمكنها القيام بها لكي تتواصل وسائل الإعلام مع الأشخاص المعاقين في المجتمع:
1.  قيام الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين بدورها في التوعية المجتمعية:
    و هذا ما ذكرناه في النقطة السابقة من أن دور جمعيات النفع العام ذات الصلة بالمعاقين يجب أن يتجاوز مجرد القيام بأنشطة متنوعة للأشخاص المعاقين أو بنشر بعض الأخبار في وسائل الإعلام (مع أهمية هذه الجهود), بل يجب أن تفكر الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين بالقيام دورها في التوعية المجتمعية لكل أفراد المجتمع و ذلك بالتعاون مع المؤسسات الحكومية و الخاصة و بالتعاون كذلك مع وسائل الإعلام.
    ومن جهته يؤكد الفنان لؤي محمد حمزة على وجود فراغ وتغييب لمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام في الدراما الخليجية، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي هو عدم وجود خبرة بسبب بعدنا عن هذه الفئة التي لابد من أن نكون على علم ومعرفة بحالاتهم واحتياجاتهم والمشاكل التي يواجهونها في المجتمع.[19]
    إننا بحاجة إلى تحرك رسمي و شعبي كبير بحيث يتناول مناهج التعليم و الحركة الثقافية و الاجتماعية في البلد, و قد تكون كذلك من خلال القيام بسلسلة حملات إعلامية و مجتمعية طويلة الأمد أو على مراحل, تستهدف تغيير القناعات و القيم و الأفكار بالنسبة للإعاقة أو المعاقين. و يُعرف هذا النوع من الحملات في الأدبيات الإعلامية بحملات التغيير الاجتماعي Social Change و التسويق الاجتماعي  Social Marketing و حملات الإقناع و التأثير. و كمثال على تلك الحملات, سنشرح النوع الأول فقط للتدليل على أهمية القيام بتوعية مجتمعية شاملة لمفهوم المعاق و المعاقين.
التغيير الإجتماعي Social Change
مفهوم حملة التغيير الإجتماعي
"الحملة الاجتماعية عي عبارة عن جهد منظم يهدف إلى إقناع مجموعة مستهدفة بقبول أو تعديل أو الابتعاد عن بعض الأفكار و السلوك أو الاتجاهات, و تقوم بهذا الجهد جماعة من الجماعات الموجودة في المجتمع أو الجهة التي ترغب في إحداث التغيير. و غالباً ما تهدف هذه الجهة أو الجماعة إلى تغيير سلوك الجمهور المستهدف".
        و استخدام حملات التغيير الاجتماعي أمر ليس جديداً, بل يتم استخدامه في كل المجتمعات و ذلك بهدف نشر الأفكار و القيم و الاتجاهات التي من شأنها أن تنفع الصالح العام (احترام القانون, حب العمل, الحفاظ على البيئة, التطعيم...الخ), كما تهدف بالمقابل على القضاء أو الحد من بعض الظواهر السلبية في المجتمع و ذلك لتقليل الضرر على المجموع العام (محاربة التدخين, مكافحة ظاهرة الإدمان, مكافحة ظاهرة التدخين...الخ).
أنواع حملات التغيير الاجتماعي: [20]
 بسبب تنوع القضايا الاجتماعية و تعقدها, و بسبب تغير أهداف حملات التغيير الاجتماعي من قضية لأخرى, يتضح أن هناك أربع أنواع من الحملات التغيير الاجتماعي, نذكرها باختصار:
1.    التغيير المعرفي Cognitive Change.
و هي من أسهل أنواع الحملات, حيث تهدف هذا النوع من الحملات إلى إمداد و تزويد أفراد المجتمع أو الجمهور المستهدف بمعلومات و حقائق حول قضية معينة تؤدي إلى زيادة وعيهم و إدراكهم  لهذه القضية, و بالتالي يحدث التغيير المعرفي لدى الجمهور المستهدف حول هذه القضية محل الاهتمام (مثال زيادة وعي الجمهور بأهمية التبرع بالدم).
و يحدث أحياناً ألا تصل المعلومات إلى الجمهور المستهدف أو تشبع حاجته المعرفية, أو قد يكون هناك سوء اختيار للوسيلة الإعلامية المناسبة.
2.    التغيير في الفعل (العمل) Change in Action
و يهدف هذا النوع إلى إقناع أكبر عدد ممكن من الأفراد للقيام بعمل معين خلال وقت محدد (مثال, أن يقوم الفرد بالذهاب فعلاً إلى بنك الدم للتبرع). و هنا يبدو الأمر أصعب من النوع السابق لأنه يستلزم قيام الجمهور بفعل شيء ما, و هذا أن الجمهور سيبذل جهداً أو وقتاً أو مالاً, مما لا يشجعه البعض على القيام بالفعل المستهدف, و لذا يجب أن ينتبه القائمون على مثل هذه الحملات بضرورة توفير الوسائل المعينة و المشجعة للقيام بالفعل المرغوب.
3.    التغيير السلوكي Behavioral Change
و هذا النوع من الحملات يهدف إلى تشجيع الأفراد على تغيير بعض أنماط السلوك (مثال, الامتناع عن التدخين). و هذا النوع أصعب مما سبقه لأنه يستلزم تغيير بعض السلوكيات و العادات التي كان يقوم بها الأفراد منذ مدة طويلة, و لذا قد لا تكفي وسائل الإعلام الجماهيرية هنا في إحداث الأثر المطلوب, بل لا بد من وسائل أخرى مساعدة كالاتصال الشخصي و المحاضرات و الندوات المتخصصة و المطبوعات.
4.    التغيير في القيم  Change in Values
و هي الحملات التي ترمي إلى تغيير القيم و المعتقدات, و هذه من أصعب الأنواع على الإطلاق لأنه يتعرض إلى المنظومة الفكرية و الثقافية لدى الجمهور المستهدف, و بالتالي يستلزم جهداً إضافياً, قد يطال حتى التشريعات و القوانين التي ترغم الأفراد على أداء سلوك معين, يعين بالتالي على تغيير القيمة المستهدفة. مثال, هناك قيمة احترام آداب المرور و القيادة, و لكن قد يكون من الصعب جعل الناس يحترمون القانون كقيمة دفعة واحدة, و لذا نقوم بسن قوانين و تشريعات كقانون حزام الأمان و غيره من القوانين, و عندما يتغير السلوك يصبح من السهل نوعاً ما تغيير القيمة.
*******************************
2. تخصيص وسائل الإعلام مساحة زمانية و مكانية بشكل دوري لقضايا المعاقين:
مما لا شك فيه أن حجم و مدة التغطية الإعلامية التي تحصل عليها قضية ما, سوف يؤثر على مدى اهتمام الجمهور بها, و هذا ما أكدناه عند حديثنا حول تأثير الإعلام بالمجتمع, و بالتحديد عند تناولنا لنظرية "ترتيب الأوليات- تحديد الأجندة".
        و دعا السيد عبدالله بن ناصر آل خليفة الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في حفل افتتاح أعمال ورشة "الصحافة الخليجية و ذوي الاحتياجات الخاصة إلى أين؟" التي عقدها  المجلس الأعلى للأسرة لدولة قطر مع اتحاد الصحافة الخليجية, حيث دعا السيد عبدالله بن ناصر آل خليفة كل صحيفة إلي تبني قضية المعاق كقضية إنسانية رئيسية والي إدراج قضايا الإعاقة علي قائمة أولويات النشر والتثقيف الصحفي لتسهم في تغيير أنماط تفكير وسلوك مجتمع خليجي عاني كثيرا من مشكلة الخجل الاجتماعي تجاه المعاق مما عطل الإفصاح عنه وحرمه الكثير من الفرص التي توفرها الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
         و عليه نؤكد أنه ينبغي لوسائل الإعلام أن تعطي قضايا الأشخاص المعاقين المساحة الزمنية و المكانية المناسبة بحيث تكون التغطية إخبارية (عرض الأخبار عن المعاقين و ما يهمهم من أنشطة و فعاليات مجتمعية), و تكون التغطية توعوية (عرض برامج حوارية و نقاشية في وسائل الإعلام حول الإعاقة و المعاقين لكي تسهم بتوعية المجتمع بكل أفراده و مؤسساته بقضايا الأشخاص المعاقين), و تكون التغطية صحيحة و كاملة (من خلال عرض شخصيات المعاقين في المسلسلات و الأعمال الدرامية بشكل إيجابي و بناء و ليس بشكل سلبي و منفر كما هو حاصل الآن).
*******************************
3. التأهيل الإعلامي للمعاقين المهتمين بالمجال الإعلامي:
         و نقصد بالتأهيل الإعلامي للمعاقين هو أن يشارك الأشخاص المعاقون في صياغة الرسائل الإعلامية التي تبثها وسائل الإعلام, بدلاً من الاعتماد على وسائل الإعلام نفسها لكي تقوم بالتغطية الإعلامية لقضايا المعاقين. ينبغي أن ينتقل الأشخاص المعاقون من موقع المستقبل- المتلقي للرسائل الإعلامية كجمهور إلى موقع المرسل الإعلامي لأنهم الأقدر على فهم معاناة المعاقين و الأقدر كذلك على طرح القضايا التي تهمهم و تسليط الضوء الإعلامي على ما كل ما يحتاجه الأشخاص المعاقون و الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين.
        و هذا ما أكده السيد ناصر محمد العثمان الأمين العام لاتحاد الصحافة الخليجية حين أوصى الصحافة الخليجية بأن لابد للصحافة أن تجتذب ذوي الاحتياجات الخاصة إليها من خلال مساهماتهم في العمل الصحفي سواء بتخصيص صفحات أسبوعية أو ملاحق يكون المعاقون هم المحور الأساسي في المادة التحريرية لأنهم هم الأقدر علي التغيير عن أنفسهم وواقعهم بكل صدق.
         بإمكان الأشخاص المعاقين أن يصبحوا محررين في الصحف اليومية و المجلات الأسبوعية, كما أن بإمكانهم أن يصبحوا معدي أو مقدمي برامج إذاعية و تلفزيونية, و بالتالي يستطيعوا أن يتحكموا بصورة أو بأخرى في تشكيل الرسالة الإعلامية التي تناقش قضاياهم و موضوعاتهم.
         و يحصل التأهيل إلى انتقاء بعض الأشخاص المعاقين ممن لديهم حب العمل الإعلامي و القدرة عليه, و يتم تزويدهم بالمعرفة و المهارات اللازمة للعمل الحرفي لوسائل الإعلام من خلال انخراطهم في دورات تقيمها الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين أو من خلال دمجهم في وسائل الإعلام المحلية (صحافة, إذاعة , تلفزيون) لكي يتم صقل مواهبهم في مواقع حقيقية حتى تقوى مهاراتهم الإعلامية.


4- التنويع في الشكل و المضمون للرسائل الإعلامية المتعلقة بالأشخاص المعاقين:
        في حالة الرغبة في التوسع الشامل لمخاطبة كافة أفراد المجتمع يكون من المناسب أن يتم توجيه الرسالة بأساليب متعددة وفي أشكال مختلفة، ذلك أن الجمهور – كما أشرنا آنفاً – ذو اتجـاهات وميول مختلفة لا تمكنهم من استقبال الرسائل بمستوىً متشابه من خلال قناة أو مادة ذات شكل واحد، أي وبمعنى أكثر تفصيلاً، قد يصبح من الخطأ أن نعتقد بأن الحديث في ندوة تلفزيونية من خلال الإلقاء المباشر قادر على إحداث تأثير كافي في الجمهور للاهتمام بالأشخاص المعاقين.[21]
         و لا شك أن وسائل الإعلام ( و خاصة الإذاعة و التلفزيون) تستطيع أن تساهم في توعية المجتمع بقضايا الأشخاص المعاقين و ذلك بمخاطبة الجمهور المتلقي من خلال رسائل إعلامية مهدفة و موجهة.  و لا شك أن الخطاب الإعلامي لكي يحقق أهداف المتوخاة منه, عليه أن تكون الرسالة مصاغة بشكل و معدة بشكل جيد و منتجة بشكل جيد كذلك.  
و تستخدم الإذاعة و التلفزيون قوالب متنوعة و متعددة يتم من خلالها صياغة الرسالة الإعلامية الموجهة نحو الجمهور, مثل الحديث المباشر, البرنامج الحواري, الأخبار و التعليقات و التحليلات, البرامج الوثائقية, المسلسلات و الأفلام, و غيرها من الأشكال الإعلامية المتعارف عليها في الصناعة الإعلامية.
         و يرى بعض الباحثين أن لوسائل الاتصال تأثيرات قوية إذا ما تم استخدام هذه الوسائل حسب المبادئ الأساسية للاتصال:
1.    إعادة الرسالة الإعلامية على مدى زمني معين (تكرار المضمون و القالب أو الشكل).
2.    إعادة مضمون الرسالة الإعلامية عبر وضعها في قوالب متنوعة (تكرار المضمون عبر أشكال و قوالب متعددة).
3.    التركيز على جمهور معين تستهدفه الرسالة الإعلامية.
4.    تحديد أهداف الإتصال بعناية لكي يقوم القائم بالاتصال بإنتاج رسائل منسجمة مع هذه الأهداف.
 و لكي تقوم الإذاعة و التلفزيون بالدور المنوط بهما, فينبغي تحقيق المعادلة الصعبة في الإنتاج الإعلامي و هي المضمون الهادف و العرض الجذاب المبهر. و لكن ما نلاحظه أن الإعلام يقوم باستخدام قوالب فنية جامدة و يتم إخراجه بطريقة جامدة أيضاً مما يضعف الرسالة الإعلامية, و يحد من انتشارها و تأثيرها.
فمثلاً, يتم توظيف قالب البرامج الحوارية في التوعية بقضايا الأشخاص المعاقين, و هذا شيء لا بأس به, و لكن الذي يحدث حالياً أنك تجد بعض البرامج حوارية تضم ضيوف متخصصين في الإعاقة و في التربية و علم النفس يجتمعون  حول مائدة مستديرة, و يبدأ مقدم البرنامج بطرح أسئلته المتفق عليها مسبقا بطريقة آلية, و يجيب الحضور عليها بطريقة آلية, فيصبح كأنه برنامج حديث مباشر و ليس برنامج حواري يمكن إخراجه بطريقة أفضل.
        الأسلوب المباشر  أو الجامد لا يمكن أن يؤثر بالجمهور المتلقي, خصوصاً الشباب منهم, و الذي تجذبه عناصر الإبهار في الصورة التلفزيونية. إن ما نحتاجه إليه الآن هو أن ننظر إلى العملية الإعلامية على أنها إبداع و فن, و بالتالي تحتاج إلى جهود خاصة و متميزة في إعداد و صياغة الرسائل الإعلامية لكي تحقق الأثر المطلوب منها.
        نحن مطالبون الآن أكثر من أي وقت مضى على توظيف فنون الإعداد و الإخراج الإذاعي و التلفزيوني بالشكل الصحيح و المحترف لكي نجعل الخطاب الإعلامي أكثر تأثيراً و جاذبية و قوة! فحتى الإذاعة يمكن أن تشارك بالكثير لو أطلقنا خيالنا في إنتاج البرامج الإذاعية (الدرامية منها أو غير ذلك) بحيث نتخلص من أسلوب المعتاد في إنتاج البرامج الإذاعية حيث يتحدث مذيع ثم فاصل موسيقي ثم عودة إلى المذيع و هكذا دواليك!
        بإمكاننا أن ننتج مسلسلاً إذاعياً باللهجة المحلية و نعالج من خلاله الكثير من القضايا الخاصة بالأشخاص المعاقين و نساهم بتوعية بقية أفراد المجتمع بطريقة غير مباشرة و عفوية و ليس فيها تكلف أو صنع, وهو ما يسمى بالرسالة الخفية Hidden Message, و لكن ما يحدث حالياً هو العمل بروح الهواة لا المحترفين, و هذا ما يجعل خطابنا الإعلامي غير مؤثر.
        الفلاشات الإذاعية و التلفزيونية السريعة من القوالب التي يمكن أن يكون لها دورها في التوعية بقضايا الأشخاص المعاقين لأنه يتم عرضها بين البرامج الإذاعية و التلفزيونية المعتادة, كما أنها لا تستهلك وقتاً طويلة من البث اليومي. بالإضافة إلى أن تلك الفلاشات تحمل المعاني التي نريد توصيلها, و لكن يجب أن تكون هذه الفلاشات غير تقليدية, و أن يكون الخطاب غير مباشر, و أني تم اختيار وقت البث بعناية بحيث نضمن تواجد الشريحة التي نستهدفها.
5- الاهتمام بالدراما لأهميتها و تأثيرها
        و هناك قوالب إعلامية مؤثرة بشكل كبير على الشباب و المراهقين, كما بينت الدراسات العلمية في هذا المجال, منها المسلسلات و الأفلام. و لا شك أن الدراما ( المسلسلات و الأفلام) هي من أهم و أخطر القوالب الإعلامية لأن لها جاذبية و انتشاراً بين المشاهدين و المستمعين كما بينت الدراسات الإعلامية حول عادات المشاهدة و الاستماع لدى المشاهدين العرب. 
        و لعل من أهم مميزات الدراما أنها قصصاً و أشخاصاً يمكن للمشاهد أن يشعر معهم بالانتماء و القرب لأنها قصص درامية تستخدم اللهجة المحلية و تستند على ذات الثقافة التي يحملها المشاهد و المستمع, مما يوفر لها بيئة مناسبة لكي تربط المشاهد و المستمع معها على مدى عدة حلقات أو من خلال فيلم سينمائي.
        كما يؤكد الدكتور عدلي سيد محمد رضا حين يقول "و تجدر الإشارة هنا إلى أن الأشكال الدرامية التي يقدمها الراديو و التلفزيون مثل التمثيليات و المسلسلات و الأفلام و المسرحيات قد تقوم بدور هام في عملية تكوين السلوك الفردي و الاجتماعي في المجتمع الذي أنتجت فيه, أي أنها تسعى إلى ترسيخ أو إلغاء أو تعديل بعض القيم و المفاهيم الخاصة في المجتمع.[22]
        و كما أوضحنا في الورقة, فإن الملاحظ لطريقة تناول الدراما العربية لموضوع المعاقين سيلحظ أن هناك قصوراً كبيراً في الجانب بحيث نشاهد عدداً من المسلسلات و الأفلام العربية التي فشلت في مناقشة تلك القضية الحساسة و عرضها ضمن سياقها الثقافي و الاجتماعي في المجتمعات العربية.
و كتابة نص درامي متميز مسألة ليست متاحة لكل شخص لأن كتابة القصة الدرامية عملية إبداعية و فكرية و فنية معقدة, تحتاج إلى تحضير مسبق و إعداد متكامل حتى يخرج إلينا عمل يستطيع أن يؤثر في الجمهور المتلقي. و لعل هذا ما كان يقصده الدكتور عدلي رضا حين قال " لقد أظهرت الدراسات و التجارب العديدة التي أجريت في ميدان الاتصال أن الراديو و التلفزيون لهما تأثير واضح على أفكار و اتجاهات و سلوك الجماهير إذا ما استخدمتا استخداماً رشيداً. و لا يقتصر دور هذه الوسائل على مجرد عرض الآراء و الأفكار بل تعداه إلى التأثير إلى التأثير في الاتجاهات بتدعيمها أو تبديلها. و هذا بطبيعة الحال أمر يخص طبيعة المضمون من ناحية صياغته و أسلوب إعداده و تقديمه, و إلى أي حد يعتمد مثل هذا المضمون على منطق و سيكولوجية الاستدراج بالإقناع, و لابد من الإشارة هنا إلى أن الاقتناع بالمضمون أمر أساسي, و عليه يتوقف تغيير الاتجاهات, و من هذين الجانبين معا يتكون الدافع الأساسي لتغيير السلوك.[23]
        و من خلال الأعمال الدرامية الأخيرة التي ظهرت على الشاشة العربية, نستطيع أن نجمل عدة ملاحظات على المسلسلات و الأفلام العربية التي تناولت الإعاقة و الأشخاص المعاقين, و نرمي من خلال إيراد هذه الملاحظات هو لكي نحاول صياغة عمل درامي (إذاعي أو تلفزيوني) يستطيع أن يتناول الإعاقة و المعاقين في المجتمعات العربية تناولاً يخاطب العقل و القلب, و يحاول أن يكون موضوعياً في خطابه الإعلامي:
1.    التسطيح و أحياناً السذاجة و البساطة في سيناريو العمل الدرامي الذي يناقش موضوع الأشخاص المعاقين.  فمثلاً, لا زال أغلب كتاب السيناريو الذي يتناولن المعاقين في أعمالهم الدرامية, لا زالوا يون أن المعاقين إعاقة عقلية أو ذهنية بأنها لها ارتباط بالبلاهة و الغباء!
2.    عدم نضج القصة الدرامية, بمعنى أن الخط الدرامي للقصة قد تم كتابته بصورة مستعجلة و سريعة, و لا تأخذ مشكلة الأشخاص المعاقين بأبعادها الكاملة أو تعطيها التحليل الصحيح للأحداث, كأنما الهدف هو في إنتاج عمل درامي دون النظر إلى مستواه!
3.    أسلوب الوعظ و النصح و الحديث المباشر في القصص الدرامية مما أفقدها الجاذبية المطلوبة لإحداث التأثير المطلوب.
4.    النمطية المفرطة في عرض الرجل المعاق في المسلسلات و الأفلام العربية التي تصوره على أنه شخص سلبي و منعزل و عاجز و ينظر للحياة بسوداوية أو أنه يتصف بالبلاهة و الغباء, و بالتالي يمكن استغلاله.
5.     عدم عرض نموذج المعاق الإيجابي الذي يفيد نفسه و أسرته و مجتمعه و ينظر للحياة بتفاؤل و له انجازات شخصية أو رياضية أو علمية أو اقتصادية أو سياسية, الخ.
6.    غياب الشعور بالمسؤولية الأخلاقية و المسؤولية الاجتماعية و المسؤولية الوطنية لدى بعض كتاب و منتجي المسلسلات و الأفلام العربية التي تناولت ظاهرة الإعاقة و الأشخاص المعاقين.

*******************************
الخاتمة
تناولت هذه الدراسة استعراض وتقييم واقع وسائل الإعلام ودورها في خدمة قضايا الأشخاص المعاقين, حيث أوضح الباحث وجود ثلاث أساليب تتعامل من خلالها وسائل الإعلام مع قضايا الإعاقة و الأشخاص المعاقين و هي :التعتيم (اللامبالاة و عدم الاهتمام), التشويه, إعلام المناسبات. ثم تطرق الباحث إلى عرض لبعض الاقتراحات التي من يمكن لوسائل الإعلام القيام بها لكي تنهض بدورها المأمول في خدمة قضايا الأشخاص و المعاقين في مجتمعاتنا.
    و في ختام هذه الورقة يود الباحث التأكيد على أن أي تغيير في طريقة تعامل وسائل الإعلام للقضايا المعاقين يكمن في أن تتحرك الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين بقوة لكي تستفيد من الإعلام و تأثيراته على أفراد الجمهور. ينبغي على تلك الجمعيات ألا تقنع فقط بالتغطية الخبرية لأنشطتها, بل يجب أن تجاوز ذلك على محاول خلق ثقافة جديدة يتعامل من خلال وسائل الإعلام مع قضايا الإعاقة و المعاقين. إن للإعلام وظائف كثيرة, و لا زالت الجمعيات ذات الصلة بالمعاقين ترضى بالقليل و هي مجرد عدة تغطيات إخبارية هنا و هناك بشكل فردي. إن الإعلام صناعة و حرفة و تكامل و ليس مجرد جهود فردية خجولة أو عمل للهواة. و لذا فإننا نتصدى لقضية رئيسة و هي هنا تفعيل العلاقة بين الإعلام و الإعاقة, و هي مسألة ينبغي تظافر جميع الجهود و تكاملها في المجتمع من أجل تعامل أفضل للأشخاص المعاقين في مجتمعنا و تحويلهم على قوة فاعلة في تنمية المجتمع.


       




[1] صلاح الدين جوهر (1980) علم الاتصال: مفاهيمه, نظرياته, مجالاته, (القاهرة, مكتبة عين شمس), ص 5.
[2]  للمزيد من التفاصيل و الاستزادة, راجع صالح خليل ابو اصبع, الاتصال الجماهيري, (الأردن: دار الشروق, 1999), ص ص161-173.

[3]  Ronald Shaw & Maxwell McCombs, The Emergence of American Political Issues: The Agenda-Setting Function of the Press., (St. Paul. :West Publisher Co., 1977), P. 5.
[4] صالح خليل ابو اصبع, الإتصال الجماهيري, (الأردن: دار الشروق, 1999), ص 219.
[5] جيهان رشتي (1978)  الأسس العلمية لنظريات الإعلام, (القاهرة: دار الفكر العربي), ص ص 155-159.
[6]  حسن عماد مكاوي, وليلى حسين السيد (2003) الاتصال و نظرياته المعاصرة, (القاهرة: الدار المصرية اللبنانية, ط1) ص 383.
[7]  Gerbner, Gross, Morgan and Signorielli (1986), Living with TV: The dynamics of Cultivation Process, in Bryant & Zelman (eds.), Perception in Media Effects (CA.: Sage), PP 17-40.
[8]  جيني موريس في البرنامج الوثائقي " الكرامة في مواجهة التمييز" الذي عرضته القناة الرابعة في بريطانيا عام 1991.
[9]  كمثال, الدور الذي قام به الفنان فاروق الفيشاوي الذي كان عبارة عن شخصية شاب معاق ذهنياً يتم تزويجه واستغلاله مادياً في فيلم " ديك البرابر".
[10]  لقاء جريدة الشرق الأوسط, الجمعـة 17 ذو القعـدة 1427 هـ 8 ديسمبر 2006 العدد 10237.
[11]  لقاء ضمن تحقيق صحفي في موقع الشبكة الإسلامية: http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=134361

[12]  حديث للفنان لؤي حمزة  http://www.alwatan.com.sa/daily/2006-04-17/affair.htm

[14]  لقاء ضمن تحقيق صحفي في موقع الشبكة الإسلامية: http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?lang=A&id=134361
[17]  لمزيد من التفصيل و الاستزادة, مراجعة مقال إقبال التميمي, مرجع سابق.
[20] لمزيد من التفصيل و الإستزادة, انظر [20] د. منى الحديدي و د. سلوى إمام, الإعلام و المجتمع, (ص 31- 62).  مكتبة الأسرة 2004, الدار المصرية اللبنانية, القاهرة.
[21] السيد عبدالحميد عطيه و سلمى محمود جمعه (2001)  الخدمة الاجتماعية و ذوي الاحتياجات الخاصة, (القاهرة: المكتب الجامعي الحديث).
[22] . د. عدلي سيد محمد رضا, البناء الدرامي في الراديو و التلفزيون, ص 32,  , دار الفكر العربي, القاهرة, 1988

[23]  د. عدلي رضا, مرجع سابق.